غدير الانسبيك
*•. *•.•* .•*
*•. ”*°•. ”*°•.•°*” .•°*” .•*
”*°• مرحبا بكمـ في غدير الانسبيك .•°*”
•°*” ROOM xxllliiilllxx Al Ghadeer xxllliiilllxx ” *°•
.•* .•°*” ”*°•. *•.
.•* .•* *•. *•.

اهلاا بزوارنا الكرام

يسعدنا انضمامكم لغديرنا المبارك

حياكم الله
غدير الانسبيك
*•. *•.•* .•*
*•. ”*°•. ”*°•.•°*” .•°*” .•*
”*°• مرحبا بكمـ في غدير الانسبيك .•°*”
•°*” ROOM xxllliiilllxx Al Ghadeer xxllliiilllxx ” *°•
.•* .•°*” ”*°•. *•.
.•* .•* *•. *•.

اهلاا بزوارنا الكرام

يسعدنا انضمامكم لغديرنا المبارك

حياكم الله
غدير الانسبيك
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

غدير الانسبيك

الغدير موضع المعلومة المتنوعة والكلمة الطيبة.يشرفنا انضمامكم
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الامام جعفر الصادق عليه السلام - الحلقة الثالثة

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
Abu Haidar
المشرفين
المشرفين
Abu Haidar


عدد المساهمات : 83
نقاط : 128
تاريخ التسجيل : 02/04/2011
الموقع : www.inspeak.com

الامام جعفر الصادق عليه السلام  - الحلقة الثالثة  Empty
مُساهمةموضوع: الامام جعفر الصادق عليه السلام - الحلقة الثالثة    الامام جعفر الصادق عليه السلام  - الحلقة الثالثة  Icon_minitimeالجمعة أبريل 15, 2011 1:29 am

[size=24]

ويرون أن الأحاديث المرويّة عنهم من السنّة، لأنهم حملة علم النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وحفّاظ شريعته، فما عندهم فهو عن الرسول صلّى اللّه عليه وآله لا عن اجتهاد ورأي منهم، والسنّة أحد الأدلّة الأربعة في استنباط الأحكام الفرعيّة، والأدلّة الأربعة كما أشرنا اليها: الكتاب، والسنّة، والإجماع، والعقل، والبيان عن حجّيّتها وكيفيّة الرجوع اليها مذكور في كتب اُصول الفقه.

وأمّا اعتقادهم في اللّه تعالى شأنه، فهو أنّه سبحانه شيء لا كالأشياء ليس بجسم ولا صورة، ولا تقع عليه الرؤية في الدنيا ولا الآخرة، لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار، وأن صفاته عين ذاته، وأنّه تعالى عادل لا يظلم أحداً من عبادة لقبح الظلم بحكم العقل، وأنّه خلق الأشياء لا من شيء.

______________________________

(1) مسلم من صحيح جابر، ومسند أحمد: 5/89 و2/29 و128، والصواعق: الفصل الثالث من الباب الأول، والسيوطي في تاريخ الخلفاء ص 5، إِلى غيرهم.

(2) ينابيع المودّة: ص 427 و430 و442، وكفاية الأثر، والمقتضب والكنز وغيرها.

{ 57 }

وأمّا اعتقادهم في نبيّنا محمّد صلّى اللّه عليه وآله فهو أنّه معصوم من الخطأ والزلل والنسيان والغفلة والذنوب الكبائر والصغائر، وأنّه ما ارتكب شيئاً منها قبل النبوّة ولا بعدها، وأنه مرسل إِلى العالم كلّه وهكذا اعتقادهم في الرسل والأنبياء من جهة العصمة.

ويرون أن الامامة من الاُصول ويجب إِثباتها بالأدلّة العقليّة عدا النصوص النقليّة، ومن البراهين العقليّة قاعدة اللطف.

وأمّا المعاد فيعتقدون فيه أن اللّه جلّ اسمه يعيد الناس للحساب بتلك الأجسام التي كانت في الدنيا، وهي التي تنعّم في الجنان، أو تعذّب في النيران.

وأمّا أفعال العباد فيعتقدون أنها أمر بين أمرين لا جبر ولا تفويض أي أنّ اللّه تعالى لم يجبر الخلق على أفعالهم حتى يكون قد ظلمهم في عقابهم على المعاصي، بل لهم القدرة والاختيار فيما يفعلون، ولا فوّض اللّه اليهم خلق أفعالهم حتى يكون قد خرج من سلطان قدرته على عباده، بل له الحكم والأمر وهو قادر على كلّ شيء ومحيط بالعباد.

وربّما يهيّئ اللّه تعالى للعبد أسباب الطاعة والهداية، كما يصدّ عنه أسباب العصيان والضلالة، لطفاً منه بعبده، وهذا ما نسمّيه بالتوفيق.

وهذا بعض ما تعتقده الاماميّة في الوجود والوحدانيّة، والصفات، وفي النبوّة والامامة والمعاد، وفي أفعال العباد.

وذكرنا لذلك كان استطراداً على سبيل الايجاز، واستيفاء الكلام على هذه المعتقدات في كتب الكلام والاعتقاد.

والإماميّة اليوم هم السواد الأعظم من الشيعة في جميع الأقطار الاسلاميّة وكتبهم في العلوم كافّة من أوّل يوم ابتدأ فيه التأليف حتّى اليوم مبثوثة بين

{ 58 }

الاُمم يقرأها الحاضر والبادي، والعالم والجاهل.

وليس اليوم غير الاماميّة، والزيديّة، والاسماعيليّة، فرقة ظاهرة تعرف اللّهمّ سوى بعض الفِرق الغالية التي تنتمي إِلى التشيّع.

ولمّا كان كلامنا عن الفِرق التي كانت في عهد الصادق عليه السّلام أهملنا عن بعض الفِرق التي حدثت بعد الصادق عليه السّلام أمثال الفطحيّة والناووسيّة والواقفيّة.

[ - الخوارج

ظهرت هذه الفِرقة يوم صفّين بخدعة ابن العاص، حين أشار على معاوية - وقد عجز عن المناهضة - برفع المصاحف، والدعوة لتحكيمها، فلمّا رفعوها مرقت طائفة من أصحاب أمير المؤمنين عليه السّلام وقالوا هؤلاء يدعوننا إِلى كتاب اللّه وأنت تدعوننا إِلى السيف، فعذلهم عن ذلك، وحاول رجوعهم عن الاغترار بهذه الخدعة، وقال لهم ويحَكُم أنا أعلم بكتاب اللّه، فلم ينفع معهم عذل وردع، ولا إِقامة حجّة وبرهان، بل قالوا لترجعن مالكاً عن قتال المسلمين، أو لنفعلنّ بك كما فعلنا بعثمان، فاضطر إِلى ارجاع مالك بعد أن هزم الجمع وولّوا الدبر، فحملوه على التحكيم، فأراد أن يبعث عبد اللّه بن عباس فأبوا إلا أن يبعث أبا موسى الأشعري، فلمّا كان التحكيم قالت الخوارج: لِمَ حكمت في دين اللّه الرجال ؟ لا حكم إِلا للّه، فمن هنا سمّوا (المحكّمة) وبعد أن رجع أمير المؤمنين من صفّين وهم مصرّون على المروق والعصيان اجتمعوا بحروراء قرب الكوفة فسمّوا (الحروريّة).

وكان آخر أمرهم أن قتل أمير المؤمنين بالنهروان من أصرَّ منهم على المروق، بعد أن أقام عليهم الحجج، وقطع المعاذير، وبعد أن عاثوا في الأرض فساداً،

{ 59 }

وقتلوا خباباً أحد خيار الصحابة، وبقروا بطون الحبالى.

ولم يستأصل تلك الروح استئصالهم بالنهروان، وما زال في كلّ عصر وزمن قوم على ذلك الرأي والمروق، وقد أزعجوا الملوك والولاة في تلكم الأعصر، وكلّما فني قوم منهم نبغ آخرون، وكانت الناس منهم على رهبة ووَجَل لما يلاقونه منهم من الفتك الذريع والعمل الفظيع، والقسوة وانتهاك الحرمة، وكانوا يحاربون الملوك والولاة عن عقيدة واطمئنان، فمن ثمّ تجدهم يستبسلون ويحاربون بشجاعة ورباطة جأش، فلا تقف الناس لهم وإن كانوا أضعافهم، إِذ لا يحملون عقيدة يناهضون بها تلك العقيدة، ولكنهم إِذا عرفوا من أنفسهم الضعف قوّضوا ليلاً وبعدوا شاحطين، ومن ذاك لا تسلم بلدة من وبالهم وسوء أعمالهم.

وكان لهم ظاهر نسك وعبادة، وما زالوا يستميلون الهمج الرعاع بتلك المظاهر الصالحة، ودعوى الخروج على سلطان الباطل، والدعوة للعمل بالكتاب والسنّة، وإن ناقضوا تلك المظاهر والدعاية بشدة الوطأة والعيث فساداً، إِلا أن السذّج من الناس ربما انخدعوا بظاهرة النسك والصلاح، وقد خدعوا بهاتيك الظواهر الجميلة بعض أهل الكتاب ومن لا يعتقد صحّة دين الاسلام، فضمّوهم اليهم، وكاثروا بهم.

وقد ضعفت بعد ذلك شوكتهم، وهدرت شقاشقهم، واستراح الناس منهم برهة من الزمن، ولكن ظهر لهم شأن أيّام الصادق عليه السّلام فإنَّ أحد رؤسائهم عبد اللّه بن يحيى الكندي - الملقّب بطالب الحق - نهض في حضرموت بعد ما استشار الأباضيّة في البصرة وأوجبوا عليه النهوض، وشخص اليه منهم أبو حمزة المختار بن عوف الأزدي وبلخ بن عقبة المسعودي في رجال من الأباضيّة، وقد بايعه ألفان وبهم ظهر، ولمّا كثر جمعه توجّه إِلى صنعاء وكتب

{ 60 }

بذلك إِلى من بها من الخوارج، فجرت بينه وبين عاملها حروب انتصر فيها عبد اللّه واستولى على خزائن الأموال، ثم استولى على اليمن، فلمّا كان وقت الحجّ وجّه أبا حمزة وبلخاً وأبرهة بن الصباح إِلى مكّة والأمير عليهم أبو حمزة في ألف، وأمره أن يقيم بمكّة إِذا صدر النّاس، ويوجّه بلخاً إِلى الشام، فدخلوا مكّة يوم التروية وعليها وعلى المدينة عبد الواحد بن سليمان بن عبد الملك في خلافة مروان الحمار، فكره عبد الواحد قتالهم وفزع الناس منهم فراسلهم عبد الواحد في ألا يعطّلوا على النّاس حجّهم، وأنهم جميعاً آمنون بعضهم من بعض حتّى ينفر الناس النفر الأخير، فلمّا كان النفر الأخير نفَرَ عبد الواحد وترك مكّة لأبي حمزة من غير قتال، ولمّا دخل عبد الواحد المدينة جهّز له جيشاً منها فالتقوا بقديد فكانت الدبرة على جيش المدينة والنصرة للشراة، فبلغ قتلى أهل المدينة ألفين ومائتين وثلاثين رجلاً ثم دخل بلخ المدينة بغير حرب، ورحل عبد الواحد إِلى الشام فجهّز مروان لهم جيشاً عدده أربعة آلاف في فرسان عسكره ووجوههم، ومعهم العدّة الوافرة، وعليه عبد الملك بن عطية السعدي، فلمّا بلغ الشراة توجّه جند الشام اليهم خفوا اليه في ستمائة وعليهم بلخ بن عقبة المسعودي فالتقوا بوادي القرى لأيام خلت من جمادى الاُولى سنة ثلاثين ومائة فتواقفوا ثمّ كانت الدبرة على الخوارج فقتل بلخ والشراة ولم يبق منهم إِلا ثلاثون، فهربوا إِلى المدينة، وكان على المدينة المفضل الأزدي، فدعا عمر بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطّاب الناس لحرب الشراة بالمدينة فلم يجبه أحد، واجتمع عليه البربر والزنوج وأهل السوق، فقاتل بهم الشراة فقتل المفضل وعامّة أصحابه وهرب الباقون، فأقبل ابن عطيّة إِلى المدينة وأقام بها شهراً، وأبو حمزة بمكّة، ثمّ توجّه إليه إِلى مكّة فوقعت بينهما حرب شعواء قتلت فيها الشراة قتلاً ذريعاً وقتل أبو حمزة وأبرهة بن الصباح وأسر منهم أربعمائة ثم قتلوا كلّهم، وصلب ابن عطيّة

{ 61 }

أبا حمزة وأبرهة وعلي بن الحصين على شُعب الخيف، إِلى أن أفضى الأمر إِلى العبّاسيّين فأنزلوا أيام السفاح، ثمّ أن ابن عطيّة خرج الى الطائف وقد بلغ عبد اللّه بن يحيى طالب الحقّ وهو بصنعاء ما آل اليه أمر أبي حمزة وجماعته فتوجّه الى حرب ابن عطيّة، فشخص ابن عطيّة اليه، ولمّا التقوا قتل من الفريقين جمع كبير، وترجّل عبد اللّه في ألف مقاتل، فقاتلوا حتّى قتلوا كلّهم وقتل عبد اللّه، وبعث ابن عطيّة رأسه الى مروان، ثمّ أقام ابن عطيّة بحضرموت بعد ظفره بالخوارج، فأتاه كتاب مروان بالتعجيل الى مكّة ليحجّ بالناس، فشخّص الى مكّة متعجّلاً مخفّفاً في تسعة عشر فارساً، فندم مروان وقال: قتلت ابن عطيّة سوف يخرج متعجّلاً مخفّفاً من اليمن ليدرك الحجّ فيقتله الخوارج، فكان كما قال، فإنه صادفه جماعة متلفّقة من الخوارج وغيرهم فعرفه الخوارج فحملوا عليه وقتلوه(1).

ثمّ لم يكن الخروج بعد هذا إِلا عقيدة ورأياً من دون أن يكون لهم شأن في محاربة الملوك، وما زال حتّى اليوم منهم اُناس على ذلك المروق، ومنهم قوم في عمان، ولكن لا شأن لهم يرعى ولا سطوة تهاب.

والخوارج هم المارقون الذين أنبأ النبي صلّى اللّه عليه وآله أمير المؤمنين عليه السّلام بأنه سيحاربهم ويظفر بهم.

وكانوا فِرقاً كثيرة يجمعها القول بتكفير علي وعثمان والحَكَمين وأصحاب الجمل وكلّ من رضي بتحكيم الحَكَمين، وتكفير مرتكبي الذنوب، ووجوب الخروج على الامام الجائر، كما حكاه في (الفَرق بين الفِرَق) عن الكعبي ص 55.

______________________________

(1) انظر شرح النّهج: 1/455 - 463 تجد تفصيل ما أوجزناه.

{ 62 }

لكن حكي عن أبي الحسن الأشعري إِنكار إِجماعهم على تكفير مرتكبي الذنوب، ونقل عنهم تفصيلاً في ذلك، وانتهوا في التفريع على هذا الأصل الى فِرق كثيرة، ولكن أخنى عليها الدهر، والموجودون اليوم منهم في عمان من الأباضيّة، على ما يظهر منهم ويسمع عنهم.

الغلاة ومن خرج عن الاسلام ببعض العقائد:

قد ذكرنا في بدء هذا الفصل أن اُصول الفِرق الاسلاميّة أربعة، ومنها تتفرّع الفِرق جميعاً، وأن فِرق الغلاة من فروع تلك الاُصول، فلا تجد أصلاً إلا وله بعض الفروع الغالية.

وهكذا الشأن فيمن ينتحل شيئاً كالتناسخ والحلول والتشبيه أو غير ذلك ممّا يرجع الى الكفر عند فِرق المسلمين، ولكن التهجّم عليهم بالكفر لما ينسب اليهم من الاعتقاد ليس بالأمر السهل، فإن تكفير من يعترف بالشهادتين لا ينبغي أن يقدم عليه من له حريجة في الدين، دون أن يعتمد على ركن وثيق ومادمنا في فسحة من ذلك فلا نلج هذا الباب، ولا نلقي بأنفسنا من شاهق ثمّ نفحص عن سلّم النجاة، ولا سيّما أن تلك الفِرق التي رميت بالخروج عن ربقة الاسلام الصحيح بانتحالها بعض العقائد الباطلة قد أصبحت في خبر كان، ولم يبق منها إِلا شواذ لا مقام لهم يلحظ بين أبناء الاسلام، ولا يخاف من تسرّب معتقداتهم الفاسدة بل أصبحوا يتكتّمون فيما يعتقدون حذراً من سطوة بني الدين في الحجج والبراهين وإبطال ما يدينون به أو نبزهم بالكفر والمروق عن الاسلام.

والحذر من سراية ذلك الداء الى أرباب الجهل أهمّ ما كان لدى الأوائل ممّن قاوم تلك البدع والضلالات بكلّ ذريعة، ونحن اليوم في أمان من الانخداع

{ 63 }

بضلالات فِرقهم الحاضرة، فكيف ببدع هاتيك الفِرق البائدة التي أصبحت دائرة العين والأثر.

شبه الإلحاد:

إتما الحذر اليوم من سراية شبه الإلحاد، وشكوك عبدة الدهر وأبناء الطبيعة الذين تسول لهم أنفسهم التخلّص من قيود الدين بكلّ وسيلة، تلك القيود التي تجعل الانسان في صفوف الملائكة والروحيّين، وتخرجه عن الوحشيّة الكاسرة، والشهوات الفاتكة، كما تجعله في أمان من اعتداء أحد على أثمن ما يجده في هذه الحياة: النفس والعرض والمال، كما تجعل الناس في أمان منه على نفائسهم تلك، وتلك الحرّية التي ينشدونها، والتي خرجوا بها عن ربقة أهل العقول والعفاف الى أسراب الوحوش وأرباب الخلاعة والدعارة هي التي خدعت بعض الشباب، وجعلته يقع في تلك الفخاخ، وتصيده هاتيك الشباك، والشباب سريع الانجذاب الى الشهوات ونزع القيود المزعومة، من دون أن يرجع الى رشده ويحكّم قبل الانخداع عقله.

/الإمامة

إن المسلمين على مذاهب في الإمامة بعد أن أجمعوا على وجوبها، باعتبار أنّ الإمام هو الجامع لشتاتها، والهادي لضلالها، والناهض بها لنشر أعلام الشريعة، وبثّ روح تعاليمها الحيّة.

ومن سياسة صاحب الشريعة وبدائع حكمة أمره بمعرفة الإمام، حتّى أنه جعل «من مات ولم يعرف إِمام زمانه ميتاً على الجاهلية»(1)، كأن لم يدخل في ربقة الاسلام.

فهذا الفرض لو عمل به المسلمون، وقاموا بما يحتّمه الواجب من معرفته والاستماع لقوله بعد الوصول اليه لأصبحوا جيشاً واحداً وقائدهم الإمام، فلا يبقى عند ذاك امرؤ مسلم يجعل أحكام الدين، أو يعلمها ولا يعمل بها، ولا يبقى بلد في العالم لم تخفق عليه بنود الاسلام.

كانت الخلافة والإمامة ميداناً للسباق، لا يقبض على ناصيتها إِلا من حاز قصب السبق، ولو بالدماء المراقة، والحرمات المنتهكة، بل حتّى لو كان الخليفة نفسه بعد استلامه زمام الحكم ماجناً خليعاً لا يبالي بما فعل.

______________________________

(1) هكذا الحديث في أصل الكتاب ولم نعثر عليه في الكتب الموجودة، والذي عثرنا عليه هو هذا النص «من مات بغير إمام مات ميتةً جاهلية» كنز العمال: 1/103.

{ 65 }

غير أن الشيعة الإمامية كانت من العهد الأوّل لا تقيم وزناً لمثل هذه الخلافة ولا تعترف بمثل هذه الإمامة، بل ترى أن الخليفة والإمام من كان جامعاً لصفات الكمال كلّها، عارياً عن خصال النقص جميعاً، عاملاً بأوامر الشريعة في السرّ والعلن آمراً بها، مرتدعاً عن نواهيها فيما ظهر وبطن ناهياً عنها، منصوصاً عليه من صاحب الشريعة، أو من الإمام قبله أمراً من اللّه سبحانه، لأنه تعالى أنظر لعباده، وأبصر بمن يصلح لهذا المنصب الخطير.

ولا ترى الإمام من قام بالناس بل الإمام من قامت الدلالة عليه، ودلّت الاشارة اليه، وإِن قعد الناس عن اتباعه، بل وإِن قاموا في وجهه صدّاً له عن أدائه فروض إِمامته وواجبات زعامته.

وإِن قعودهم عن طاعته أو قيامهم في معارضته لا تخدش في كفايته للنهوض بأعباء الإمامة، بل حظّهم اخطأوه وسبيل هدى أضاعوه.

فالإمام - على ما تراه الإماميّة - هو الحامل لأعباء الإمامة قام أو قعد، نطق أو سكت، تقدّم للسباق أو تأخّر، لأن إِمامته ليست باللباس المستعار يلبسه إِن استلبه من غيره، ويتعرّى عنه إِن استلبوه منه.

ولمّا كان الإمام هو الحجّة البالغة، وجب عليه إِعلام الناس بإمامته وإِقامة الأدلّة عليها عند الحاجة الماسّة، كما وجب على الاُمّة معرفته وطاعته إِذا عرفوه.

وأما إِقامته الدلالة على إمامته فبالتصريح مرّة وبالتلويح اُخرى، وكفى في الدلالة أن يدلي بالكرامات والمعجزات، ويبدي من العلم ما يعجز الناس عن الحصول على مثله، إِلا أن تحجز السيوف دون بيانه، ولكن أعماله وسجاياه ناطقة بمقامه وإِن صمت لسانه.

والإمامة من الأبحاث التي مازالت موضع الجدل والخصام بين المسلمين من

{ 66 }

يوم مضى صاحب الدعوة الاسلاميّة، قلماً ولساناً، وسيفاً وسناناً، وإنما تبتني اُسسها اليوم على أنقاض الماضي، وهي اليوم وغداً كما كانت أمس الفارق بين الفِرق، مع وحدتهم في النبي والكتاب والقبلة، وفي الفِرق اليوم وأمس من ذوي العقول الراجحة والآراء السديدة رجال بإمكانها أن يجمعوها تحت لواء واحد، كاشفين لهم الستار عمّا حدا بالامامة إِلى التخالف والتنابز، ويعرّفوها فوائد الاُلفة، وينذروها سوء الفرقة، ويلمسوها ما أنزله ذلك الخصام بالاسلام من الويلات والتدمير والشتات.

ولمّا كانت الامامة هي المفترق للطرق، وجب أن يكون عندها اجتماع ذلك الافتراق، فلو عرف الناس اليوم حقيقة الامامة ومَن الامام، لأوشك أن يهبّ ولو بعضهم إِلى وحدة عندها مجتمع الفِرق، ولمّ الشتات، في هذه الساعة العصيبة التي سادت فيها الفوضويّة وانشقاق الكلمة.

وإِنّي لاُحاول أن أرمز إِلى بعض ما يجب في الامام، وإن ذهبت كلمتي أدراج الرياح، لا تسترعي انتباه غافل، ولا هبة يقظان، ولا يغيظني ذلك مادام القصد صحيحاً والغاية غالية، وهي طلب مراضيه سبحانه.

أقول: إِن النظام الذي جاء به خاتم الأنبياء صلّى اللّه عليه وآله نظام عامّ يجمع بين السيرتين، سيرة المرء مع الخالق، وسيرته مع المخلوق، وإِنَّ مَن جاء بهذا النظام وجب أن يكون قديراً على تطبيقه وتنفيذه حتّى لو ثنيت له الوسادة، فانبسطت دعوته على المعمورة جمعاء، وخيّمت شريعته على العالم كلّه، فالنبي عند تطبيق شريعته وتنفيذها يكون ذا سلطتين زمنيّة وروحيّة، ولّما دعاه اللّه اليه، انتبهت الاُمّة إِلى الضرورة التي دعته إِلى عقد الامامة في حياته، فرأوا أن القيام بوظائف صاحب الدعوة حتمّي ولا يقوم بها إِلا إِمام تكون له الزعامة العامّة على الاُمّة الاسلاميّة كلّها وتكون له السلطتان اللتان كانتا للرسول

{ 67 }

الأمين صلّى اللّه عليه وآله وإِلا بقي ذلك النظام الكافل للسعادتين بلا تنفيذ، فلا تتمّ الفوائد من تلك الجهود التي قاساها صاحب الرسالة.

فلمّا كانت الامامة على الاُمّة واجبة بحكم الضرورة، فمَن الأليَق بتلك الوظيفة الكبرى ؟ أترى الأليَق بها من هو كصاحب الرسالة وصورة حاكية له في العلم والعمل، مهديّ في نفسه هاد لغيره، يقوم بالحجّة فيقطع الحجج، لا يعتري برهانه وهن، ولا حجّته فلل، إِن طلب الناس منه المعجز في الفعل والقول استطاع الإتيان به من غير مطل وعناء، وإِن احتيج لقطع العذر من المسترشد أو المتعنّد على المجيء بالكرامة الباهرة قوي عليها من دون كدّ وجهد، يعلم كلّ ما جاء به صاحب الشريعة عاملاً به، يعرف القرآن تنزيله وتأويله، مرتدياً بجميل الخصال لا تفرّ عنه منها واحدة، بل هو أفضل في كلّ خصلة من الناس كافة، عارياً عن ذميم الصفات لا يرتدي منها واحدة ولو لحظة، وجملة القول أنه المثال الصادق للرسول في جميع ملكاته وصفاته وخصاله وفعاله.

أو الأليَق بها مَن لا يعرف هذه الخلال ولا تعرفه، أو يتقمّص ببعضٍ ويتعرّى عن بعض، لا ريب في أنك سوف تقول: إِن الأوّل أليَق وأحقّ بهذا المنصب الرفيع، وهل يقدم بصير على القول بأحقّيّة الثاني.

ولكني أحسبك تقول: إِن الشأن كلّه في إِثبات أمرين في هذا الباب الأول وجوب نصب إمام على هاتيك السجايا والمزايا، الثاني وجوده جامعاً لهذه الخلال والخصال في الاُمّة الاسلاميّة، ولو ثبت لدينا أن الامام يجب أن يجمع هذه الصفات، وأنه يوجد في الاُمّة ذلك الجامع، لكان التخلّف عن القول بإمامته، لأوامره عناداً محضاً لا يرتضيه ذو دين وبصيرة.

فأقول: إِني سأثبت لك هذين الأمرين، راجياً أن تكون ممّن ألقى السمع

{ 68 }

وهو شهيد.

أمّا الدليل على الأول فموجزه: إن النبي صلّى اللّه عليه وآله كان عليماً بما صدع به، لا يجهل ما يُسأل عنه، شريعته واحدة ليس فيها اختلاف، وخالدة إِلى يوم البعث، حلال محمّد حلال إِلى يوم القيامة وحرامه حرام إِلى يوم القيامة، فلو ألقى الحبل على الغارب للاُمّة في ارتياد الامام القائم بوظائفه لألفينا الاُمّة جاهلة بأحكام الشريعة لا تعرف الحرام من الحلال، ولا الحلال من الحرام إِذ ليس لديها حكم فصل في علم الشريعة ترجع إِلى قوله، وحاكم عدل في إِمضاء الحدود تخضع لأمره، فتتشعّب لذلك إِلى مذاهب ونحل، وكلّ يقوم بالحجّة على صحّة رأيه ويقيم الأدلّة على صدق عقيدته كما كان ذلك كلّه حين اختار بعض الناس من أنفسهم لأنفسهم إِماماً وخليفة اختاروا خلفاء لا يعلمون جميع ما جاء به الرسول صلّى اللّه عليه وآله ويجهلون كثيراً ممّا يُسألون عنه، ولمّا كانوا بعد الاختيار لهم هم الحكم الفصل والحاكم العدل، ولمّا لم يجد الناس عند هؤلاء القائمين بالأمر مطلوبهم في الحكومة والأحكام صار كلّ يبدي مذاهبه وآراءه، وليس عند أحد حجّة قاهرة، وبرهان نيّر يصدع به شبه تلك المذاهب، وشكوك هذه الآراء، وتعارضت النِّحل، وكلّ ينسب ما لديه إِلى الشريعة، وما عنده إِلى الدين، فأين الحلال والحرام اللذان لا يتبدّلان إِلى الساعة الأخيرة من هذا الوجود، وأين الشريعة الواحدة الخالدة عمر الدهر، وقد أصبح في الاسلام بعد نبيّه مشرّعون وشرائع، وأديان ومذاهب.

ولمّا كان هذا التبديل والتحريف طارئاً عن اختيار الناس لمن لا يعلم جميع ما جاء في الشريعة ليكون العالم والحاكم في ساعة واحدة، يقطع حجج المتأوّلين وألسنة المتقوّلين بالبرهان مرّة وحدود الشفار اُخرى فلا تخالفه الناس بعد ذاك ولا تختلف في الآراء والأهواء، وجب على الاُمّة أن تختار لها إِماماً

{ 69 }

عالماً بكلّ ما جاءت به الشريعة الأحمديّة، عاملاً في تنفيذ علمه، عنده علم ما يُسأل عنه ولديه الحجّة على إِزالة الأوهام والأباطيل والجهالات والأضاليل، لتبقى الشريعة الغرّاء على ما صدع بها الرسول صلّى اللّه عليه وآله أبد الدهر وحلاله وحرامه لا يتبدّلان مدى العمر، فلا شرائع ولا مشرّعين ولا مذاهب ولا أديان.

ولكن أين للاُمّة اختيار ذلك الحاكم العالم ؟ ومن أين تعرفه ؟ ولو عرفته فمن أين له اتفاق الكلمة عليه، والناس مختلفو النزعات متباينو الأغراض ؟

فوجب عليه تعالى أن ينصب لهم هذا الامام، ويعرّفهم بواسطة الرسول ذلك الخلف العادل، والعالم العامل، لأن اللّه سبحانه أنظر لعباده، وأدرى بمن يليق لهذا المنصب الخطير، والمقام العظيم.

فاذا كان نصب الامام واجباً عليه تعالى استحال في العقول أن يهمل سبحانه الواجب فيما يصلح عباده، ويهدي خليقته، كما يستحيل على الرسول أن يترك التبليغ عنه تعالى بنصب هذا الامام، ولو جاز عليه ترك هذا الواجب لجاز عليه غيره.

فمتى وجب الرسول وجب الامام، ومتى بعث اللّه رسولاً نصب الامام، فلا رسول بلا إِمام، ولا شريعة بغير تفسير وتنفيذ.

وأمّا الدليل على الثاني وهو وجود هذا الامام فالأمر فيه سهل بعد ما تقدّم، لأنا إِذا اعتقدنا بوجوب نصب الامام على تلك الصفات وأنه قد نصبه اللّه تعالى لخلقه اعتقدنا أنه تعالى لا يجعله مجهول الاسم والنسب ويعسر على الاُمّة معرفته، ولا نعرف في الاُمّة أئمة ادّعي فيهم ذلك وادّعوها لأنفسهم غير علي وبنيه عليهم السّلام، فلو لم يكونوا هم الأئمة لكانت الامامة وذلك الوجوب لغواً.

فلم يبق إذن إِلا أن نعرف عنهم أنهم اولئك العلماء الذين لا يجهلون،

{ 70 }

والعدولالذين لا يجورون، أمّا العدل فلم يحكم منهم أحد غير أمير المؤمنين وشأنه لا يحتاج إِلى ايضاح، وأمّا العلم فآثارهم ناطقة به فتتبع تجد صدق ما قيل ويقال وهذا الكتاب بين يديك رشحة من ذلك العلم الغمر(1).

* * *

______________________________

(1) إِن شئت المزيد في بحث الإمامة فارجع إِلى رسالتنا المطبوعة «الشيعة والإمامة».

size]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ethics
vip
vip
ethics


عدد المساهمات : 1172
نقاط : 1319
تاريخ التسجيل : 03/04/2011
الموقع : https://alghadeer.forumarabia.com/

الامام جعفر الصادق عليه السلام  - الحلقة الثالثة  Empty
مُساهمةموضوع: رد: الامام جعفر الصادق عليه السلام - الحلقة الثالثة    الامام جعفر الصادق عليه السلام  - الحلقة الثالثة  Icon_minitimeالجمعة أبريل 15, 2011 7:47 am



اللهم صل على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين وعجل فرجهم
لاحرمنا الله قلمكم المتواصل بطرح النافع من الكلم
احسنت ,اثابكم الله
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Abu Haidar
المشرفين
المشرفين
Abu Haidar


عدد المساهمات : 83
نقاط : 128
تاريخ التسجيل : 02/04/2011
الموقع : www.inspeak.com

الامام جعفر الصادق عليه السلام  - الحلقة الثالثة  Empty
مُساهمةموضوع: رد: الامام جعفر الصادق عليه السلام - الحلقة الثالثة    الامام جعفر الصادق عليه السلام  - الحلقة الثالثة  Icon_minitimeالسبت أبريل 16, 2011 7:45 am

أحسن الله اليكم وطيب مروركم اسعدنا ، نساله سبحانه أن يحسن خواتيم اعمالنا جميعا بحق محمد وآله الطاهرين
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الامام جعفر الصادق عليه السلام - الحلقة الثالثة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الامام جعفر الصادق عليه السلام - الحلقة الرابعة
» الحلقة الثانية ( الإمام جعفر الصادق عليه السلام )
» الإمام جعفر الصادق عليه السلام
» الزهراء فاطمة عليها السلام ( الحلقة الأولى )
» طب الامام الصادق عليه الصلاة والسلام****التفاح

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
غدير الانسبيك :: القسم الديني :: تراث آل البيت-
انتقل الى: